من صور القهر الصهيوني : الدكتور البرغوثي مات وهو ينتظر الدواء الذي حجزه الاحتلال على الجسر

فلسطين المحتلة - خاص بالمركز الفلسطيني للإعلام

ربما تكون هذه القصة ليست الوحيدة وليست الأكثر قساوة إنما هي مجرد مثال على حياة الفلسطيني تحت الاحتلال أو ربما تشير إلى تلك التعقيدات التي يفرضها الاحتلال في  يوم من حياة فلسطيني عانى و لا يزال يعاني من جبروت احتلال.
تبدأ الحكاية من رام الله بعد تدهور الوضع الصحي للدكتور حسين البرغوثي في الأسبوع الماضي المحاضر في الآداب في جامعة القدس الذي يبلغ عمره 48 سنة وأب لطفل إثر فقدان الدواء .
و كان  البرغوثي قد  أصيب قبل سنة ونصف بسرطان الرئة وأوصى أطباءه في مستشفى الشيخ زايد في رام الله له بدواء كيماوي قد يطيل عمره بعض الشيء، ويحسن من نوعية حياته بعد إصابته بهذا المرض.
 في رام الله المحاصرة والمحتلة ليس من الممكن الحصول على الدواء، ولا مجال للحديث حتى عن الانتقال لأي مكان آخر.
اتصل البرغوثي  بمستشفى الأمل في عمان و أخبرهم بحالته ، واثر ذلك توجه مبعوث خاص من مستشفى الأمل في يوم الثلاثاء الماضي و أوصل  الدواء إلى معبر الكرامة والمعروف "بالجسر".
 و كعادة جنود الاحتلال على الجسر  قاموا بمصادرة الدواء عند وصوله إلى الجسر ،مما حذى  بالبرغوثي  بالتوجه إلى "لجنة الإنقاذ الطبي "، وهؤلاء قاموا  بدورهم بالتوجه إلى جمعيات أطباء من أجل حقوق الإنسان لكن الوقت يمر و الدواء ما زال لدى الطرف الصهيوني  .
والاحتلال  ادخل تعقيدات لا حدود لها فأرادوا أن يعرفوا إذا كان هذا الدواء بضاعة مشتراة أم تبرع، وهل هو لمريض واحد أم لاثنين، وإن كان في زجاجة أم في علبة . كما طلبوا مستندات طبية تبرهن على أن المريض يحتاج هذا الدواء، بالإضافة إلى رقم لوحة السيارة التي ستأتي لأخذه من رام الله. 
 حتى تلك السيارة لم تسلم و كان لها تعقيداتها هي الأخرى  ففي البداية أوصوا بسيارة صهيونية إلا أنهم قالوا أنها لا تستطيع الدخول إلى رام الله، فأوصي بعدئذ بسيارة فلسطينية. إلا أن هذه السيارة ستجد صعوبة في مغادرة رام الله في مثل هذه الحالة. أخيرا  و بعد طول انتظار أوصوا بسيارة إسعاف فلسطينية.
عندئذ تم التنسيق مع القوة الصهيونية المسؤولة عن رام الله حتى تسمح بخروج سيارة الإسعاف من المدينة والتنسيق مع مكتب الارتباط في أريحا للسماح بالدخول إلى الجسر ومن ثم التنسيق مع السلطات الصهيونية في  الجسر من أجل قبول تصريح الدخول إلى الجسر.
 بعد ذلك طلبوا إعطاءهم اسم المرسل وتركيبة الدواء  فحل المساء و الدواء لا يزال ينتظر في الجسر .
 منسقة الصحة في الإدارة المدنية الصهيونية داليا باسا قالت إن عليها أن تتحدث مع عائلة المريض .في حين أن  موظفة أخرى طالبت برسالة طبية أخرى تبرهن على أن المريض يحتاج إلى الدواء فعلا ، فأصبح اليوم يوم الأربعاء وصحة البرغوثي تتدهور أكثر فأكثر.
الساعات تمر تباعا والدواء ظل منتظرا على الجسر ، و البرغوثي يحتضر لافظا أنفاسه  في رام الله . و حتى اليوم  لم يكن الوقت كافيا لاستكمال التحضيرات والاستعدادات لإرسال الدواء.
 في يوم الخميس صباحا اتصل أحدهم من الإدارة المدنية الصهيونية مرة أخرى قائلا أنهم  ما زالوا بحاجة إلى مستند طبي آخر. ولكن ذلك كان متأخرا جدا في تلك اللحظة، فالدكتور حسين البرغوثي مات. والدواء ظل منتظرا على الجسر.
ربما كان بإمكان ذلك الدواء أن يطيل عمر البرغوثي، ولكن حكايته هي حكاية الاحتلال الصهيوني و إرهابه.
 وإذا كان شخص ذو علاقات واتصالات كالبرغوثي أكثر من غيره نسبيا لا يستطيع أن يحصل على علاج طبي عاجل - فما الذي يستطيعه مواطن من سكان مخيمات اللاجئين مثلا الذي يعاني من مرض عضال.
لكن قد تكون التعقيدات الصهيونية مبررة وقد يكون البرغوثي فكر في أن يصاب بالمرض وأن يبعثوا له بالدواء من الأردن من أجل تهريب رؤوس نووية أو حتى صواريخ داخل علبة الدواء ؟؟؟


Poets from Palestine