في عالم يذهب صوب الغبار الذي ينفثه السحرة المدججون بالنجوم الذرية التي تبرق فوق أكتافهم ! تتقافز الكوابيس في أفقه القاصر ، وتمد الشياطين أذرعها الكيميائية إلى نوافذنا الهشة ، نوافذنا المعرضة دائماً إلى الريبة والفزع والمجازر ! هاهي عرباتهم تسحق عظام الأزهار البرية ! صواريخهم تتوجه إلى العصافير في أعشاشها ! أنهم يزحفون على الحياة ! كيف الملاذ من أحلامهم البيولوجية ؟ بل هل نستطيع أن نحافظ على ظل صغير ؟ ماذا لو جربنا الشعر ؟ فهو قد يكون قادراً على تجميع الفراشات ! قد يكفي الشعر برعم واحد ليعيد للحقل ملامحه ! كيف تكون النجمة أجمل ؟ على كتف عسكري ! أم في قصيدة شاعر ؟ العسكريون يذهبون إلى الحرب ! الشعراء ينحازون إلى الحب ! الشعر صلاتنا التي تمحو كراهيتهم ! ماذا لو قرأ كل واحد منا قصيدة لربما تنمو في قلبه حمامة بيضاء ! لماذا نسكت ؟ انه كوكبنا الرائع ، سفينتنا التي تدور بنا حول الشمس ! بدأ يفقد نضارته وعنفوانه يا له من دمار قادم! هل ستموت أيها الكوكب الصغير تحت مخالبهم ؟ غابات تزهق ؟ طيور تندحر باتجاه الفناء ! أعشاب ، وزهور، وشجيرات فضلت الانسحاب من أمام هذا البطش ! يالها من ضوضاء ، تكنس الحب ! لكننا لن نسكت ! سنكتب الشعر على جذور المساء ! سنكتب الشعر برغوة الصباح ! عندما نقرأ الشعر بهمس سترفع الأزهار أكتافها ! بل سيمتد البحر إلى ثياب الأمل ! هم يقطعون الغابات ! ونحن نزرع الأمل ! هم يثقبون الفضاء وبالشعر نملأه هيا أيها الأطفال إلى أرجوحة الشعر إلى مزامير الحب بالشعر سنضمد الحياة ! بل سنطارد زفير الموت ! فيما تستمر الفصول في تجديد رئتها ، ويتجه الضوء ناحية الأمام ! نجلس نحن في كوخ العزلة والمرض! ننظّر للنوم ! نقدس الموت ! نخطّئ المطر ! نحمل بأيدينا هرا وات ونسميها مشاعل ! أي قبر هذا الذي ألفناه ! كل لحظة يزداد نسياننا للجمال والعدل والخير ! يا له من هدم بشع ! نشتت أطفالنا في أحراش الضياع ! ما المرأة ؟ ما الحب ؟ ما المستقبل ؟ لا نعرف نعرف الموت في الشوارع ! نعرف الحرب في المنزل ! الكراهية في الاختلاف ! نقف ضد الشعر لأنه أتون الحرية . فكم هو جميل لو علمنا أطفالنا حب الشعر ! نضع كتاباً للشعر في حقائبهم المدرسية نضع كتاباً للشعر في السيارة ! نضع قصائد على طاولات المطاعم والمقاهي ! فلربما يزداد المحبون ! يا ترى ماذا لو قرأنا كل يوم قصيدة هل سنستدير إلى الشمس ؟ أيها الشعر الذي يتكثف على نافذة حجرتي ! أنا لا أستدعيك ، وإنما أنبش ذاتي ، جسدي ، روحي ، علاقاتي ، لألاقيك ! أنك تنبع من أمشاج التكوين فتذيبني في لهيب الحرية المستعر ! متماهياً معك على هيئة ضوء ! الطبيعة تنمو وتتطور بالحالة الشعرية ، بالمخيال الشعري بالصفاء والاستشراف ، بالتنوع والتعدد اللذين يصدح بهما الشعر ! ونحن أطفال ينبعث الشعر منا بتوهج – فلا شيء يقف في وجه مخيالنا ومغامراتنا ، وحبنا ، وتسامحنا ! الطفل شاعر حقيقي من الداخل ، ولكن كلما كبر وأخضع لقوانين الضبط يغفو الشعر ويخمد قي قلبه ، بل يضمر ، ولهذا شيئاً فشيئاً ينسى الفرح ! تري ! هل نقدر أن نبقى أطفالاً ، أعني نترك الحرية تسبح في أعماقنا وتنمو غاباتها ، نترك اللعب يتفرع ، نغامر ، نختار أصدقاءنا بدون ريبة ، أو هدف ، نحافظ على أجنحة مخيلتنا ! نعم يمكن ! بالشعر وحده نجدد طفولتنا ! بالشعر وحده نصدّ الخرف ! أحمد العجمي اليوم العالمي للشعر 21 مارس 2002 |
|